يعتقد
الكثيرون أن المدخن هو المتضرر الوحيد، إلا أن الأمر ليس كذلك، فالمدخن
يضر أيضاً من حوله ويسبب لهم العديد من الأمراض بسبب هذه العادة السيئة
التي تنتشر في الأماكن العامة وأماكن العمل.
فعندما يدخن المدخنون في أي مكان فإنهم يستنشقون 15% من دخان السجائر،
ومعظم دخان السجائر أو 85% منه ينتشر في الجو المحيط بالمدخنين، وكلما كان
هذا الجو مغلقاً كلما زادت نسبة تركيز الدخان في الجو وكلما زاد تشبع الجو
المحيط بدخان السجائر، وبالتالي فإن تواجد عدد من غير المدخنين في هذا
الجو المشبع بالدخان يعرضهم للعديد من المخاطر، وهذا ما يسمى بالتدخين
السلبي أو التدخين اللاإرادي أو التدخين الغير مباشر.
وأكدت دراسة أمريكية حديثة أن التدخين السلبى يزيد مخاطر الإصابة
بالجلطات، وذلك لأن الأشخاص الذين يستنشقون دخان السجائر دون أن يدخنوها
أكثر عرضة كذلك للإصابة بسرطان الرئة وسرطان الجيوب الأنفية والتهابات
الجهاز التنفسى وأمراض القلب وامراض أخرى.
وأشار الباحثون إلى أن الزواج من مدخن يزيد احتمالات الإصابة بالجلطات
بنسبة 42 بالمئة لدى من لم يدخنوا قط بالمقارنة بالمتزوجين من أشخاص لم
يدخنوا، مؤكدين أن هذه النسبة ترتفع إلى 72 بالمئة بالنسبة للمدخنين
السابقين المتزوجين من مدخنين، والمدخنون السابقون المتزوجون من مدخنين
تبلغ احتمالات الإصابة بالجلطات لديهم نفس نسبة احتمالاتها بين المدخنين.
وأوضحت ماريا جليمور من كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد فى بوسطن، أن
غير المدخنين المتزوجين من مدخنين تزيد احتمالات إصابتهم بالجلطات مما
يشكل مصدر قلق إضافى من التدخين السلبي.
أضراره كثيرة
أكدت العديد من الأبحاث العلمية أن التدخين السلبي من المسببات الأكيدة
لسرطان الرئة عند الإنسان، حيث ثبت علمياً أن تأثيره على الرئتين يظهر في
أعراض الإصابة بحساسية الشعب الهوائية ومرض الربو، هذا بالإضافة إلي
السعال المزمن وزيادة إفراز البلغم والتهابات الصدر المتكررة وضيق النفس.
وأكدت بعض الدراسات في مراكز بحوث القلب أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين
السلبي غير المباشر والإصابة بأمراض القلب وخصوصا أمراض شرايين القلب كما
يحدث للمدخنين أنفسهم فيؤدي ذلك للإصابة بجلطات القلب في سن مبكر.
كما أشارت دراسة علمية أمريكية إلي أن التدخين السلبي يمكن أن يقلل من
سرعة التئام الجروح وذلك لأن الخلايا التي تتعرض لدخان السجائر تجد صعوبة
في التحرك صوب المناطق المتضررة. وأوضح فريق من الباحثين في جامعة
كاليفورنيا الأمريكية أن الخلايا التي تساعد في تجديد الانسجة المتضررة
تصبح اكثر تماسكا بسبب تغير في تركيبها الكيميائي وبالتالي أقل حركة،
وأضاف لهم الخبراء البريطانيون أن تأثير التدخين على التئام الجروح معروف
جيدا لكنه كان من الصعب تقييم تأثير التدخين السلبي.
يؤثر على الأطفال
وبالنسبة للتأثير المأساوي للتدخين السلبي عند الأطفال، فالموقف مفزع على
وجه الخصوص، حيث ثبت أن تعرض الأطفال- الذين لا خيار لهم- لدخان التبغ هو
سبب رئيس للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض الاذن الوسطى، ونوبات
الربو، وظاهرة الموت الفجائي عند الأطفال، كما أن دخان التبغ مصدر هام
لتلوث الهواء داخل المباني حيث يساهم في تسميم البيئة ويعتبر من مسببات
الإصابة بالتهابات العيون والحلق والسعال والصداع.
وأكدت دراسة أجرتها نيفين أبوالسعود الباحثة بالشعبة الطبية بالمركز
القومي للبحوث بمصر، أن الاطفال مرضي الربو الشعبي والمعرضين للتدخين
السلبي اكثر قابلية من غيرهم للاصابة بجلطات الشرايين، مشيرة إلي أنه يجب
على الأطباء معرفة مدى تعرض الأطفال المرضي للتدخين السلبي عند تحديد جرعة
الدواء وخاصة الكورتيزون الذي يزيد من فرصة حدوث مثل هذه الجلطات .
كما أفادت دراسة أمريكية بأن مستوى الأطفال الذين يتعرضون للتدخين أسوأ من
مستوى أقرانهم الذين لا يتعرضون له. وربط البحث ما بين التعرض لأقل
مستويات التبغ بالمنزل والدرجات المنخفضة في اختبارات القراءة والرياضيات،
فكلما ازداد حجم تعرض الطفل للتبغ، كلما ساء مستواه الدراسي. وترتكز
الدراسة على بيانات تم جمعها بين عامي 1988 و1994 لعكس صورة عن صحة
الأمريكيين في تلك الفترة، ووجدت الدراسة أن هناك نقطة تراجع واحدة في كل
وحدة زيادة في نسبة الكوتينين في المستويات التي تقل عن 1 نانوجرام، مما
يشير إلى أنه حتى مستويات التعرض المنخفضة للتبغ من شأنها أن تصيب وظائف
العقل بالضعف.
يعوق عملية الإنجاب
أظهرت دراسة علمية حديثة أن التدخين يؤثر بشكل سلبي على عمل الرئة والجهاز
التنفسى، كما أنه يضر بجميع أوجه الحياة الجنسية وخصوصا القدرة على
الانجاب.
وأجريت الدراسة التى أعدها خبراء في الجمعية الطبية البريطانية على 120
الف بريطاني تراوح اعمارهم ما بين 30 و50 عاما ، وكلهم يعانون من مشاكل في
الانتصاب مرتبطة بالتدخين.
ووجد الباحثون أن التبغ الموجود داخل السجائر يعد من أهم أسباب العجز
الجنسى، لذا على الرجال الراغبين في الاستفادة من حياتهم الجنسية تجنب
التدخين.
وراء تشوه الأجنة
وحذرت دراسة طبية أيضاً من أن النساء المدخنات أثناء فترة الحمل أكثر عرضة
لانجاب أطفال مشوهين ومصابين بشقوق وعيوب خلقية في الحلق والوجه.
وقد أوضح الباحثون أن الشفة المشقوقة وشقوق سقف الحلق هي أكثر العيوب
الخلقية والتشوهات الولادية شيوعاً بين المواليد ويزداد خطرها بصورة أكبر
عند أطفال المدخنات.
ووجد هؤلاء أن للتدخين السلبي وهو شم رائحة دخان السجائر أو التواجد على
مقربة من أناس مدخنين أثرا مشوها على الاطفال بنسبة تقارب ما يسببه تدخين
الام المباشر أثناء الحمل على الجنين.